يُسعدنا أن نقدم لعملائنا وشركائنا ومساهمينا الكرام، التقرير السنوي لمصرف الراجحي لعام 2022،

والذي يتضمن معلوماتٍ تفصيلية عن أداء المصرف وإنجازاته. بينما نتطرق في هذه المقدمة وبإيجاز، لبعض المحطات الرئيسية في هذه الرحلة التي تتواصل في خدمة الاقتصاد الوطني لبلادنا الغالية.

فبعد الأنتهاء من التداعيات الصعبة لجائحةٍ عالمية، دخل العالم في منعطفٍ جديد يتسم بضبابية الأفق وضعف النمو والركود ومعدلات التضخم المتزايدة، مع التأثير السلبي المباشرعلى الانتاج الغذائي وحركة التجارة وسلاسل الإمداد حول العالم، وذلك بفعل الحرب الروسية الأوكرانية.

مُقابل تلك الصورة القاتمة، وبعون الله وتوفيقه ، ثم برؤية قيادتنا الرشيدة رعاها الله، سجل الاقتصاد السعودي خلال عام 2022 تحولاً إيجابياً، تبلور وبشكلٍ أساسي في تحقيق أعلى معدلٍ للنمو بين مجموعة العشرين بنسبة %8.7 وفق تقرير البنك الدولي مع اعتدال معدل التضخم، كنتيجةٍ مباشرة لارتفاع أسعار النفط وانطلاق العديد من المشاريع العملاقة في مختلف المجالات وزيادة الإنفاق الحكومي لتنمية المحتوى المحلي في مختلف الصناعات والأنشطة، إلى جانب التنوع والنمو المتواصل للقطاعات غير النفطية، وذلك في إطار تطبيق مبادرات ومستهدفات رؤية المملكة 2030، كما توقع بيان الميزانية السعودية للعام 2023 م ان يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في العام 2022م نحو 3,927 مليار ريال.

لقد عملنا في مصرف الراجحي على تعزيز دورنا الرائد في خدمة الاقتصاد الوطني ومواكبة تلك المؤشرات الإيجابية المتزايدة، مع الحفاظ على التزامنا التام بتقديم الخدمات المصرفية وتحقيق الهدف الأشمل المتمثل في التمويل المستدام، وذلك من خلال الاستمرار في تطبيق استراتيجية "مصرف المستقبل" التي تهدف إلى حماية وتعزيز امتياز المصرف الأساسي في مجال الخدمات المصرفية للأفراد، وتحقيق الريادة الرقمية في السوق، مع الاستمرار في التحول من المعاملات التقليدية إلى المعاملات الرقمية وتعزيز تجربة العملاء.

وفي إطار هذه الاستراتيجية، واصل المصرف خلال عام 2022 تعزيز أعماله وخدماته وتنويع المنتجات الاستثمارية وفتح قنواتٍ ادخاريةٍ جديدة ، من خلال طرح صكوك من الشريحة الأولى مقومة بالريال السعودي، حيث تم في هذا الإطار طرح إصدارين، الأول كان طرحاً خاصاً بقيمة 6.5 مليار ريال بمعدل ربح ثابت 3.5% سنوياً، أما الطرح الثاني كان طرحاً عاماً والأول من نوعه في السوق السعودية حيث تم طرح الصكوك للاكتتاب العام للأفراد والمؤسسات المالية والشركات بقيمة إجمالية بلغت 10 مليار ريال وبمعدل ربح ثابت 5.5% حيث تم تغطيتها بنسبة 300% من حجم الإصدار الأصلي البالغ 4 مليار ريال في وقت قياسي، مع إقبالٍ غير مسبوق من المستثمرين بعدد 125 ألف مستثمر، وذلك من خلال الإدارة الناجحة لشركة الراجحي المالية، الأمر الذي يعكس - ولله الحمد - الثقة في أداء المصرف وخدماته ومبادراته.

وبنظرةٍ عامة على أداء المصرف والشركات التابعة خلال عام 2022، والمضمن تفصيلاً في ثنايا هذا التقرير، تتواصل - ولله الحمد - المؤشرات الإيجابية في مختلف المجالات والتي تُؤكد مكانته وموقعه المتقدم بين المصارف الكبرى في العالم، حيث بلغ صافي الدخل بعد الزكاة 17.2 مليار ريال سعودي. مقارنة ب 14.7 ريال سعودي في العام السابق، كما زادت أصول المصرف بنسبة 22% مقارنة بعام 2021 لتصل إلى 762.4 مليار ريال. وفي نفس السياق، ارتفعت حقوق المساهمين بنسبة 24% لتصل إلى 83.7 مليار ريال سعودي بنهاية عام 2022.

وقد واصل المصرف دعمه لبرامج رؤية المملكة 2030 من خلال تقديم أفضل الحلول المالية والرقمية للعملاء من الأفراد والشركات، في إطار دوره المتنامي لدعم القطاع الخاص ودعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، بما يتماشى مع توجُّه حكومتنا الرشيدة لتحقيق التحولات الهيكلية التي تدعم النمو على المدى الطويل. حيث تم في هذا السياق، تحقيق نمو في محفظة تمويل الشركات بنسبة 57% ومحفظة تمويل الشركات المتوسطة والصغيرة بنسبة 61% ونسبة نمو 30% في محفظة التمويل العقاري، وذلك في تطبيقٍ عملي لحرص المصرف على دعم جهود زيادة تملك المواطنين للمنازل. وبهدف تشجيع الأسرة السعودية على الادخار كأحد مستهدفات الرؤية، يُقدم المصرف كافة الخدمات الادخارية لعملاء برنامج "زود" الادخاري وبرنامج "زود الأجيال" الادخاري بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية.

ويظل الوفاء بمسؤوليتنا الاجتماعية في مقدمة أولوياتنا حيث نُقدم في هذا التقرير عرضاً تفصيلياً للدور الرائد لمصرف الراجحي في خدمة المجتمع تحت شعار "حق وواجب" وذلك من خلال المشاركة في حملات دعم العمل الخيري عبر منصة "إحسان"، إلى جانب التعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مجالات التدريب والتأهيل والرعاية الاجتماعية للطلاب والطالبات، كما يتكفل المصرف بالرسوم الدراسية لمرحلة البكالوريوس في الجامعات الأهلية لجميع الأيتام من ذوي الظروف الخاصة في جميع مناطق المملكة، وذلك من خلال "برنامج مصرف الراجحي لرعاية الأيتام التعليمي" الذي يهدف لتنفيذ مبادرة نوعية ذات أثر مستدام على المجتمع. هذا، بالإضافة إلى دعم صندوق الوقف الصحي وتقديم العديد من المبادرات لرعاية الأطفال ذوي الإعاقة، وتمويل عمليات زراعة الكُلىٰ، وإنشاء مركز طبي للسكري، وغيرها من مجالات الرعاية الصحية، مع دعم مبادرات الإسكان الخيري في مختلف أنحاء المملكة.

ولأنه الاستثمار الذي يفوق كل استثمار، نُواصل في مصرف الراجحي الاستثمار بلا حدود في ثروتنا من الكوادر البشرية لتأهيلهم للتميز في مختلف الخدمات المصرفية، والعمل كمستشارين ماليين يقدمون الحلول المالية المبتكرة للعملاء والشركات، وكذلك لإعداد قيادات سعودية مستقبلية، حيث يتم هذا الإعداد والتأهيل عبر أكاديمية الراجحي ومركز رعاية المواهب والبرامج التدريبية المتخصصة، وكذلك من خلال الشراكة مع عدد من الجامعات العالمية، كما يحرص المصرف على إتاحة المجال للمرأة السعودية للتميز والارتقاء الوظيفي وتأكيد جدارتها بالعمل والإنجاز في كافة الإدارات والقطاعات والمستويات الوظيفية.

وفي تقديرٍ مباشرٍ لأدائه وتميزه وريادته، حصد مصرف الراجحي المزيد من الجوائز من بينها جائزتين من ملتقى "سكني" باعتباره أفضل بنك وأفضل جهة تمويلية في القطاع العقاري، بهدف المساهمة في تحقيق تطلعات المواطنين في الحصول على المسكن. بالإضافة إلى جائزة أفضل برنامج علاقات المستثمرين للعام الثاني على التوالي، مع جوائز عديدة لخدمات المصرف الرقمية المتميّزة، وغير ذلك من الجوائز المضمنة تفصيلاً عبر صفحات هذا التقرير.

وإدراكاً من مصرف الراجحي لتداعيات التغيّر المناخي، ومواكبةً لتوجه المملكة لتنمية "الاقتصاد الأخضر"، وعلى الرغم من أن نموذج أعمال المصرف وعملياته لا تُحدث تأثيراً سلبياً مباشراً على البيئة، إلا أنه يتم بذل كل جهد ممكن للحد من انبعاثات الكربون، من خلال مبادرات تشمل التوسع في استخدام الطاقة الشمسية والإدارة الحكيمة لاستهلاك الطاقة والمياه، والحد من استخدام الورق في أعمال المصرف المختلفة.

وفي الختام ، نتشرف جميعاً في مصرف الراجحي بأن نرفع أسمىٰ آيات الشكر والامتنان والتقدير لقائد مسيرتنا المباركة خادم الحرمين الشريفين وسموّ وليّ عهده الأمين - أيّدهم الله، لما تُحققه بلادنا الغالية من تقدمٍ وازدهار في جميع المجالات. ولأن كل نجاح هو نتاجُ عملٍ جماعي، نتقدم بوافر الشكر والتقدير لوزارة المالية ووزارة التجارة ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والبنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية، وكافة الجهات الحكومية، مع وافر الشكر والتقدير لمساهمينا وعملائنا الكرام وشركائنا الأفاضل، والشكر موصولٌ لأصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء الهيئة الشرعية، كما أشكر زملائي الكرام أعضاء مجلس الإدارة، مُعبراً عن فائق الاعتزاز بكوادرنا البشرية المتميّزة، التي تُساهم بالتفاني والعطاء، في تعزيز انطلاقة مصرف الراجحي نحو آفاقٍ جديدة من النجاح، في خدمة هذا الوطن المعطاء.

والله وليّ التوفيق

 

عبدالله بن سليمان الراجحي

رئيس مجلس الإدارة