مراجعة رئـيس المجموعة المالية لملامح الأداء في عام 2024

عبدالرحمن بن عبدالله الفدى

اغتنم مصرف الراجحي حالة الازدهار الاقتصادي واتساع دائرة الفرص المتاحة في سوق المملكة

نظرة عامة

بعون الله، ثم بفضل جهود التنويع الاقتصادي المدعومة بقوة من قِبل حكومتنا الرشيدة، واصل الاقتصاد السعودي مسيرته الواعدة خلال عام 2024، متجاوزًا كل التوقعات السابقة ليسجل نموًا بنسبة 3.1% مع نهاية العام. ومع توسع القطاع غير النفطي بخطى ثابتة، من المتوقع أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ليصل إلى 3.3% خلال عام 2025، مبشِّرًا بمستقبل أكثر رخاءً وازدهارًا. وفي ظل النشاط الاقتصادي المتنامي، حافظ الانفاق الاستهلاكي على وتيرة نموه الإيجابي، مسجلًا زيادة لافتة بنسبة 7.5% في عام 2024. وفي الوقت ذاته، شهد التحول نحو المعاملات غير النقدية قفزة نوعية، محققًا معدلاً لافتًا نسبته 61%، وذلك في ضوء إقبال الأفراد والشركات على تبني أحدث التقنيات والحلول المالية المبتكرة. ولم تقف الإنجازات عند هذا الحد، فلا يزال نمو الائتمان يشهد زخمًا إيجابيًا، ومن المتوقع أن يستمر على هذا المنوال في عام 2025 وما بعده، مدعومًا بالمبادرات الحكومية الطموحة الساعية لتحقيق رؤية 2030، ومستفيدًا من التحسن الملحوظ في بيـئة أسعار الفائدة.

ومع هذا المشهد الاقتصادي الواعد، مضى مصرف الراجحي قدمًا في مسيرة نجاحاته، مرتكزًا على ما حققه من إنجازات بارزة في عام 2023، ليواصل تقديم أداء استثنائـي في مختلف قطاعات أعماله، وقد جاء هذا التميز ثمرةً لاستراتيجيته الجديدة التي تبناها تحت شعار "المصرفية المتكاملة" وما تتضمنه من أهداف محورية تعزز تنافسيته وترسّخ ريادته في القطاع المالي. وقد انعكس التحسن في النشاط الاقتصادي واتساع آفاق السوق داخل المملكة إيجابًا على أداء المصرف، إذ واصل الارتقاء بمنظومة خدماته المصرفية والمالية المتكاملة التي أرسى دعائمها بعناية فائقة على مر السنوات ليضمن تلبية الاحتياجات المالية المتنامية لعملائه بمرونة وكفاءة.

مع نهاية عام 2024، سجلت الميزانية العمومية للمصرف نموًا بنسبة 20.6% على أساس سنوي. وقد جاء هذا النمو مدفوعًا بشكل رئـيسي بنمو محفظة التمويل لدى المصرف، حيث سجلت زيادة بنسبة 16.7% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 693 مليار ريال سعودي. كما شهد قطاع التمويل العقاري نموًا بنسبة 13.8% على أساس سنوي، ليشكل حوالي 38% من إجمالي محفظة التمويل و55% من محفظة تمويل الأفراد. ‏من جهة أخرى، سجلت محفظة التمويل لغير الأفراد زيادة كبيرة بنسبة ‏30.7‏‏‏‏% مقارنة بالعام الماضي، ويُعزى ذلك إلى تحقيق نمو ملحوظ في تمويل الشركات نسبته 31.8% ونمو لافت في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة 29.6%، وبذلك يواصل المصرف ترسيخ مكانته باعتباره واحدًا من أكبر ثلاثة مصارف للخدمات المصرفية للشركات على مستوى المملكة. ‏بالإضافة إلى ذلك، تضاعف نمو أصول المصرف خلال عام 2024 بفضل النمو الملحوظ في محفظة الاستثمارات بنسبة 31% على أساس سنوي، لتتجاوز قيمة المحفظة 175 مليار ريال سعودي بنهاية العام.

علاوة على ذلك، حقق المصرف نموًا قويًا في صافي الدخل ليصل إلى ‏‏19.7 ‏مليار ريال سعودي خلال عام 2024، ويُعزى ذلك إلى النمو الملحوظ في كل من صافي الدخل المعتمد على العائد وصافي الدخل من الرسوم، حيث شكل صافي الدخل المعتمد على العائد أكثر من 77% من إجمالي الدخل التشغيلي.

وتماشيًا مع هذا النمو في الأصول، يعتزم المصرف توسيع نطاق خدماته التمويلية وتنويعها، لدعم ومواكبة التوسع الذي تشهده الميزانية العمومية. وفي هذا السياق، نجح المصرف خلال عام 2024 في إصدار صكوك رأس مال إضافي مستدامة من الشريحة الأولى بقيمة مليار دولار أمريكي، بسعر تنافسي يعكس مكانته الريادية في القطاع المالي، في سابقة هي الأولى من نوعها في الأسواق العالمية. كما واصل المصرف تعزيز حضوره في أسواق الدين العالمية من خلال إعادة إصدار صكوك دين مستدامة بقيمة مليار دولار أمريكي في مارس 2024، ليصل إجمالي الصكوك التي أصدرها إلى 2.13 مليار دولار أمريكي بنهاية الفترة المشمولة بالتقرير. علاوة على ذلك، عزز المصرف تنويع مصادره التمويلية خلال عام 2024، منها قروض مشتركة مستدامة تجاوزت قيمتها 4.6 مليار دولار أمريكي. كما أثمرت جهودنا الدؤوبة نحو تحسين تجربة العملاء في الحصول على درجة رائدة بلغت 85 على مؤشر صوت العميل في القطاع المصرفي المحلي.

ملخص قائمة الدخل خلال خمس سنوات

*من غير حقوق الأقلية

إجمالي الدخل التشغيلي

سجَّل المصرف نموًا قويًا في الدخل التشغيلي بنسبة 16.4% ليصل إلى ‏32.1 مليار ريال سعودي خلال عام 2024، ويعود ذلك في المقام الأول إلى زيادة دخل عوائد التمويل والاستثمار بنسبة 16.8% على أساس سنوي، إلى جانب ارتفاع الدخل غير المعتمد على العائد بنسبة 15.2% على أساس سنوي. ويأتي هذا النمو المبهر انعكاسًا لالتزام المصرف باستراتيجيته الجديدة "المصرفية المتكاملة" التي تضع في مقدمة أهدافها "تعزيز قاعدة العملاء من خلال البيع المتقاطع"، ما أدى إلى ارتفاع نسبة عملاء الراجحي المستفيدون من أكثر من منتج واحد إلى 42.4% بنهاية عام 2024، وذلك بفضل تركيزنا على تعزيز منتجات البيع المتقاطع والترويج لها، وهو ما أسهم بشكل مباشر في نمو دخل عوائد التمويل والاستثمار والدخل غير المعتمد على العائد على حدٍّ سواء.

وعلى صعيد آخر، سجلت إيرادات رسوم إدارة التداول والنقد الناجمة عن نمو قطاع الأعمال والشركات زيادةً كبيرة على أساس سنوي، وساهمت هذه الزيادة في تنويع مصادر دخل المصرف، وبالمثل، شهد الدخل الناتج عن رسوم خدمات الدفع الرقمي، كالبطاقات ومراكز البيع نموًا ملحوظا مما ساهم في نمو دخل رسوم الخدمات البنكية بمعدل 11.1%، وأظهر الدخل الناتج عن صرف العملات الأجنبية نموًا بنسبة 3.7% على أساس سنوي.

النفقات التشغيلية

بلغت قيمة نفقات المصرف التشغيلية خلال الفترة المشمولة بالتقرير 7.9 مليار ريال سعودي، بزيادة قدرها 6.3% على أساس سنوي، وتتماشى هذه الزيادة مع إجمالي النمو السنوي الذي شهدته ميزانيته العمومية وحجم معاملاته مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. ومن ناحيةٍ أخرى، أتمَّ المصرف عددًا من الاستثمارات الاستراتيجية خلال العام بهدف تحقيق الأهداف الطموحة لدورة الاستراتيجية الجديدة، وقد أسهم ذلك في زيادة نفقات العمليات. ورغم هذه الزيادة في النفقات، تمكن مصرف الراجحي مع نهاية الفترة المشمولة بالتقرير من الحفاظ على مستوى عالٍ من الكفاءة التشغيلية، وقد تجلي ذلك بوضوح في تحقيقه نسبة التكلفة إلى الدخل الرائدة التي بلغت 24.9%، ليعزز بذلك مكانته كواحد من أفضل المصارف في المملكة من حيث الكفاءة التشغيلية.

مخصصات انخفاض القيمة

تماشيًا مع المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9 - الأدوات المالية (9 IFRS) الصادر عن مجلس معايير المحاسبة الدولية، قام مصرف الراجحي بتحديث إطار "خسائر الائتمان المتوقعة" لصالح مخصص انخفاض القيمة، مع مراعاة التوقعات الإيجابية للاقتصاد الكلي للمملكة، حيث بلغت قيمة صافي مخصصات انخفاض القيمة خلال عام 2024 2.1 مليار ريال سعودي، مسجِّلة زيادة بنسبة 40.7% على أساس سنوي. وزادت تكلفة المخاطر خلال هذه الفترة بمقدار 7 نقاط أساس لتصل إلى 0.32%، نتيجة لارتفاع قيمة مخصصات انخفاض القيمة والنمو الثابت الذي شهدته المحفظة التمويلية خلال العام قيد المراجعة.

الربحية

حقق مصرف الراجحي إنجازًا تاريخيًا في عام 2024 بتحقيقه أعلى صافي دخل بعد الزكاة منذ انطلاقه، حيث بلغ 19.7 مليار ريال سعودي، مسجِّلًا زيادة ملحوظة نسبتها 18.7% على أساس سنوي. ولم يقف المصرف عند هذا الحد، بل واصل خلال هذا العام تحقيق أعلى مقاييس العوائد في القطاع، مسجِّلًا عائدًا ثابتًا نسبته 3.49% على أصوله المرجحة بالمخاطر، وعائدًا على الأصول بنسبة 2.3%، إضافة إلى العائد المتميز على حقوق المساهمين الذي بلغت نسبته 21.1%، والذي مكَّنه من الحفاظ على صدارته في السوق.

ملخص قائمة المركز المالي لخمس سنوات

الأصول

شهد العام قيد المراجعة محطة جديدة في مسيرة مصرف الراجحي الحافلة بالإنجازات، إذ اقترب من الوصول إلى مستوى 1 تريليون ريال سعودي من ناحية إجمالي الأصول، ليختتم عام 2024 بأصول بلغت قيمتها 974 مليار ريال سعودي، مسجلاً بذلك نموًا سنويًا ملحوظًا بلغت نسبته 20.6%. ولا تزال جودة أصول المصرف هي الأفضل في السوق، حيث مثلت الأصول التمويلية في المرحلة الأولى، وفقًا للمعيار الدولي لإعداد التقارير المالية "9 الأدوات المالية" (IFRS 9)، ما نسبته 96.9% من محفظته التمويلية. إضافة لذلك، بلغت نسبة الأصول التمويلية من محفظة التمويل في المرحلتين الثانية والثالثة 2.0% و1.1% على التوالي. كما حافظ المصرف على نسبة تغطية عالية لمراحل الأصول، حيث بلغت قيمتها لأصول المرحلة الثالثة 54.8% ولأصول المرحلة الثانية 12.0%، وبقيت ثابتة عند 0.4% لأصول المرحلة الأولى.

وقد انعكست إدارتنا الحكيمة للمخاطر وجودة منتجاتنا الائتمانية على معدل الديون المتعثرة الذي ظلَّ من بين الأقل في السوق عند 76 نقطة أساس. كما حقق المصرف معدلات تغطية ممتازة للديون المتعثرة، مسجِّلةً نسبة 159.4% بنهاية العام.

الودائع والمطلوبات الأخرى

بلغ إجمالي المطلوبات في مصرف الراجحي 851 مليار ريال سعودي في ختام الفترة المشمولة بالتقرير، ما يمثل زيادة نسبتها 21.4% على أساس سنوي. وخلال عام 2024، ارتفع إجمالي ودائع العملاء بقيمة 55 مليار ريال سعودي ليصل إلى 628 مليار ريال سعودي، ما يمثل نموًا بمعدل 9.6% على أساس سنوي، حيث شكلت الودائع تحت الطلب والودائع الأخرى ما يقارب 73.4% من إجمالي ودائع العملاء، بينما انخفضت قيمة الودائع لأجل بمعدل 19.7% على أساس سنوي. وارتفعت قيمة الأقراض بين البنوك متجاوزة 173.4 مليار ريال سعودي في عام 2024. وتجدر الإشارة إلى أن المصرف حصل على تسهيلات تمويل مشترك بقيمة إجمالية قدرها 17 مليار ريال سعودي، من ضمنها حوالي 10 مليارات ريال سعودي تُعزى إلى تمويل مشترك مستدام مقوم بالدولار الأمريكي تم إصداره وفقًا لإطار التمويل المستدام الذي يتبناه مصرف الراجحي، في خطوة بارزة تبرز حرص المصرف الشديد على تلبية الطلب المتزايد لعملائه على أدوات التمويل المستدام.

الاستقرار

في ظل قوة الميزانية العمومية التي تتميز بجودة فائقة للأصول في السوق، ومستويات سيولة مثلى، ومستويات مرضية لنسب رأس المال، نجح مصرف الراجحي في ترسيخ استقرار نموه وأدائه، ما ينعكس في ولاء المساهمين والجدارة الائتمانية للمصرف.

مستوى السيولة

حافظ مصرف الراجحي على معدل سيولة قوي خلال عام 2024، حيث بلغت نسبة تغطية السيولة 120.1%، وبلغت النسبة النظامية للقروض إلى الودائع 85.5%. بالإضافة إلى ذلك، بلغت نسبة صافي التمويل المستقر 108.7%، وهي أعلى بكثير من المتطلبات النظامية. بالإضافة إلى ذلك، بلغت الأصول السائلة عالية الجودة للمصرف 128.1 مليار ريال سعودي.

رأس المال

حافظ مصرف الراجحي على قوة معدل كفاية رأس المال في عام 2024، إذ بلغت نسبة كفاية رأس المال من الشريحة الأولى 19.3%، في حين بلغت نسبة كفاية رأس المال الإجمالية 20.2%. وبلغت قيمة رأس المال من الشريحة الأولى والشريحة الثانية 123.6 مليار ريال سعودي، وشكلت الشريحة الأولى 95% منها. وبلغت قيمة الأصول المرجحة بالمخاطر 611.4 مليار ريال سعودي، ‏ بزيادة نسبتها 17.5% على أساس سنوي، وتعزى هذه الزيادة إلى نمو محفظة التمويل الذي أدى بدوره إلى تحقيق زيادة بنسبة 17.6% في الأصول المرجحة بالمخاطر الائتمانية. وتجدر الإشارة إلى أن كثافة الأصول المرجحة بالمخاطر لدى المصرف بلغت 62.8% في نهاية العام، مما يمثل تحسنًا ملحوظًا.

وبشكل عام، يواصل مصرف الراجحي ترسيخ قوته المالية، وخير دليل على ذلك النمو الاستثنائـي في حقوق المساهمين (باستثناء صكوك حقوق الملكية) التي ارتفعت من 90 مليار ريال سعودي إلى 99 مليار ريال سعودي، مسجلة زيادة بنسبة 10% على أساس سنوي. كما ارتفع إجمالي الأصول بنسبة لافتة بلغت 21%، ليصل إلى 974 مليار ريال سعودي؛ كما شهدت ودائع العملاء نموًا بنسبة 10% لتصل إلى 628 مليار ريال سعودي. وفي إنجازٍ آخر يُضاف إلى سجل مجموعة الراجحي، أعلن المصرف عن تحقيق عائد متميز على الأصول وحقوق المساهمين بلغت نسبته 2.3% و21.1% على التوالي، إضافةً إلى عائد على الأصول المرجحة بالمخاطر بنسبة 3.49% يتصدر به المصرف السوق بجدارة. ومن الجدير بالذكر أن هذه المستويات المرتفعة للعوائد، إلى جانب التحسن في كثافة الأصول المرجحة بالمخاطر، التي بلغت 63%، قد أسهما بفاعلية في تعزيز توليد رأس المال الداخلي.