رسالة سعادة رئـيس
مجلس الادارة

انسجاماً مع التحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة والمسيرة التنموية الشاملة الرامية إلى تعزيز مختلف القطاعات، يسرنا الإعلان عن تحقيق مصرف الراجحي أعلى صافي أرباح بعد الزكاة.

يُسعدنا أن نقدم لمساهمينا وعملائنا وشركائنا ومجتمع المال والأعمال، التقرير السنوي لمصرف الراجحي لعام 2024، مُتضمناً مؤشرات الأداء والمنجزات ومشاريع التطوير والمسؤولية المجتمعية والبيـئـية والتحول الرقمي وجوائز التقدير المحلية والدولية والتطلعات المستقبلية في إطار استراتيجية "المصرفية المتكاملة".

وفي خضم العديد من التحديات إقليميًا وعالميًا والمستمرة منذ سنوات، إلى جانب المخاطر السيبرانية والمناخية، والقلق بشأن سلاسل الإمداد وحركة التجارة العالمية وتدفقات الاستثمار. رغم كل هذه التداعيات، تمكّن الاقتصاد السعودي، بعون الله وتوفيقه، ثم بحكمة وتوجيهات قيادتنا الرشيدة رعاها الله، ليس فقط من امتصاص الصدمات الناتجة عن الأوضاع الراهنة، وإنما مواصلة الانطلاق والنمو بخطىً واثقة وبقدرةٍ فائقة على التكيّف مع تلك المُتغيرات السريعة وتسجيل معدلات نمو للقطاع غير النفطي بنسبة 4.3% مع زيادة الإنفاق الحكومي واستكمال العديد من المشاريع الكُبرى للبنية التحتية التي عزّزت من قُدرة المملكة على تنظيم الفعاليات والأحداث العالمية الكبرى، والتي تُوجت بالترحيب العالمي باستضافة المملكة لمعرض "إكسبو 2030" وتنظيم بطولة كأس العالم 2034. تلك المنجزات التاريخية التي تتزامن مع الازدهار السياحي وتحول بلادنا الغالية وبجدارة إلى وِجهة العالم، تؤكد أن رؤية السعودية 2030 بدأت تُؤتي ثمارها بإنجازاتٍ سبقَت إطارها الزمني نحو الأهداف الاستراتيجية في بناء مجتمعٍ حيوي واقتصادٍ مزدهر ووطنٍ طموح.

وانطلاقاً من مكانة مصرف الراجحي كصرحٍ اقتصادي وطني، فإن كُل نجاحاته تصب في النهاية لخدمة الازدهار الاقتصادي بالمملكة، كما تُساهم في دعم جهود التطوير للقطاع المصرفي تحت مظلة البنك المركزي السعودي؛ يُواصل المصرف دوره الرائد في دعم كافة البرامج والمبادرات والمشاريع الرامية إلى تحقيق رؤية السعودية 2030، وذلك بوضعها على قمة الأولويات، وفي صميم السياسات والاستراتيجيات المعتمدة لدى المصرف. وباستعراضٍ موجز لأهم مؤشرات الأداء للمصرف وفروعه الخارجية وشركاته التابعة خلال عام 2024، واستكمالاً لنجاحات الأعوام السابقة، تمكن مصرف الراجحي من مواصلة الأداء القوي وتحقيق النتائج والمؤشرات الإيجابية في مختلف القطاعات، ومواجهة كافة التحديات والصعوبات التي فرضتها الأزمات والتقلبات الاقتصادية العالمية، مستنداً على ما يتمتع به من نقاط قوة رئـيسية، والتي من بينها جودة الأصول، حيث لا تتجاوز نسبة التمويلات المتعثرة 0.76% ، والاحتفاظ بمستوى قوي لرأس المال حيث تصل نسبة كفاية رأس المال إلى 20.2% ، إضافةً إلى نسبة الودائع تحت الطلب والودائع الأخرى إلى مجموع الودائع التي بلغت 73.4% ؛ بما يعكس الثقة لدى القاعدة الكبيرة من عملاء المصرف ويقلل من مخاطر السيولة. وبينما تبلغ نسبة صافي التمويل إلى إجمالي الودائع 85.5% ، يحتفظ المصرف بنسبة جيدة من الأصول السائلة عالية الجودة حيث بلغت تغطية السيولة 120%. وبالتوازي مع ما تشهده المملكة من تحولات جذرية، ونهضة تنموية كبيرة شملت كافة القطاعات، كذلك نعتز بتحقيق مصرف الراجحي لأعلى صافي دخل بعد الزكاة بإجمالي 19.7 مليار ريال سعودي، بنسبة نمو 19% ، كما زادت أصول المصرف بنسبة 20.6% مقارنة بعام 2023 لتصل إلى 974 مليار ريال، وارتفعت حقوق المساهمين بنسبة 15.2% لتصل إلى 123 مليار ريال.

هذا، وقد تم تحقيق نمو في محفظة التمويل لغير الأفراد بنسبة %31 ومحفظة التمويل العقاري بنسبة %14 في إطار دعم المصرف لزيادة معدلات تملك المواطنين للمنازل، كما واصل المصرف دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بما يزيد على 39 مليار ريال، من خلال تقديم باقة الخدمات المتكاملة والحلول المالية المبتكرة والمتنوعة التي تُسهم في تحقيق نموها المستدام، حيث زادت محفظة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 30% مقارنةً بالعام السابق 2023، إلى جانب امتلاك أعلى الحصص في سوق التمويل العقاري بنسبة 41.1% وفي تمويل الأفراد بنسبة 41.2% وفي عدد أجهزة نقاط البيع بنسبة 41% . وفي تأكيدٍ على نجاحنا في جذب الاستثمارات الأجنبية كأحد مستهدفات رؤية السعودية 2030، تجاوزت نسبة الملكية الأجنبية لأسهم المصرف 14% بما يُعادل 54 مليار ريال كقيمةٍ سوقية، مما يجعله من أكبر الشركات المُدرجة في السوق المالية السعودية من حيث الملكية الأجنبية.

وتأكيداً لريادته على المستويين الإقليمي والدولي في إصدار الصكوك المستدامة ودعم الجهود الدولية لمواجهة التأثيرات السلبية لتغيّر المناخ، حقق مصرف الراجحي في عام 2024 إنجازاً جديداً تمثّل في طرح أول إصدار ناجح لصكوك رأس المال المستدامة بقيمة مليار دولار أمريكي، حيث تُعد هذه الصكوك أول إصدار من الشريحة الأولى لمصرف الراجحي في أسواق الدين العالمية بالدولار الأمريكي، كما تُعد كذلك استكمالاً لنجاحات المصرف في الإصدارات الدولية السابقة حيث تخطى حجم الاكتتاب 3.5 مليار دولار، الأمر الذي يُؤكد مكانة وقوة المصرف في الأسواق العالمية ويُشير إلى حجم الإقبال الكبير من المستثمرين، بما يُساهم في دعم أعمال المصرف ومشاريعه المستدامة.

ولقد حرصنا من خلال تقديم هذا التقرير على مواصلة التطبيق العملي لقواعد الحوكمة المؤسسية ولنهجنا بالالتزام بالتعليمات التنظيمية فيما يتعلق بالافصاح والشفافية وتقديم قيمة أفضل لأصحاب المصلحة و تعزيز جسور التواصل مع العملاء. وبعد أن استكملنا تنفيذ استراتيجية "مصرف المستقبل"، بدأنا خلال عام 2024 تطبيق استراتيجيتنا الجديدة "المصرفية المتكاملة" من خلال التعاون والتكامل بين مختلف وحدات الأعمال والشركات التابعة للمصرف، والعمل على انتشار منتجاتنا على أوسع نطاق، واكتساب شرائح جديدة من العملاء بخدماتنا الجديدة والمبتكرة، وزيادة الاستثمار في التحول الرقمي والأتمتة والذكاء الاصطناعي وتقديم حلول مالية تُركز على العملاء، مع توفير تجربةٍ فريدة من نوعها لعملائنا من الشركات والأفراد، حيث تم دعم هذا التوجه عملياً، بالاستحواذ على نسبة 65% من شركة "دراهم" للإدارة المالية والاستثمار الآلي والمصرحة من البنك المركزي السعودي، بهدف تطبيق أحدث التقنيات لتعزيز ريادة المصرف في القطاع المالي عبر تمكين شركات التقنية المالية ودعمها لتطوير منتجاتها للأفراد والشركات في الحلول المالية والاستثمار والمدفوعات، ورفع جودة الخدمات، كما أسس المصرف شركة "نيوتك" المتخصصة في مجال التكنولوجيا المالية والمصرفية المفتوحة والحاصلة على موافقة البنك المركزي السعودي للعمل ضمن البيـئة التجريبية التشريعية، بما يدعم قدرات الشركة في تطوير حلول التقنية المالية المبتكرة، وذلك في إطار الدور الريادي لمصرف الراجحي ومشاركته الإيجابية في تطبيق استراتيجية تطوير القطاع المالي بالمملكة وِفق مستهدفات رؤية السعودية 2030.

وتجسيداً لالتزام مصرف الراجحي بالمسؤولية الاجتماعية باعتبارها واجب وطني وحق أصيل للمجتمع الذي نعمل من خلاله ونُحقق التقدم والنمو، وتحت شعار "حقٌ وواجب"، يحرص المصرف على المشاركة في دعم مبادرات الإسكان الاجتماعي والتعليم عبر برنامج تطوير الخريجين وبرنامج رعاية الأيتام التعليمي الذي يشمل أكثر من 200 طالب وطالبة يواصلون دراستهم الجامعية في 37 تخصص أكاديمي في 28 جامعة أهلية في مختلف مناطق المملكة؛ إلى جانب دعم وإنشاء العديد من المراكز الطبية لقسطرة القلب وعلاج ومتابعة مرضى السكري والعلاج الطبيعي، وإجراء عمليات زراعة الكُلىٰ للمرضى المحولين من منصة "شفاء" مع توفير عربات التبرع بالدم في الرياض والمدينة المنورة لدعم بنك الدم في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. بالإضافة إلى إتاحة الفرص لعملائه للإسهام في مبادرات العمل الخيري عبر خدمة "التبرع السريع"، إلى جانب تبرع المصرف وعملائه لمنصة "جود الإسكان" بمبلغ يتجاوز 250 مليون ريال. وغير ذلك من المبادرات الموضحة تفصيلاً في ثنايا هذا التقرير باستثمارات تجاوزت 5 مليارات ريال في أعمال المسؤولية المجتمعية والاستدامة البيـئـية.

وتقديراً لهذا الدور المتنامي والمستمر، حصل مصرف الراجحي على جائزة المركز الأول في المسؤولية الاجتماعية في نسختها الأولى ومن الفئة الذهبية، من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى تتويج المصرف بجائزة العلامة التجارية الأعلى قيمة في المملكة العربية السعودية من "كانتر براندز"، وتحقيق المرتبة الأولى كأقوى علامة تجارية من حيث القيمة السوقية على مستوى القطاع البنكي والمالي وفق تقرير "براند فايننس"؛ وغير ذلك من الجوائز المحلية والدولية المضمنة بشكل تفصيلي في صفحات هذا التقرير السنوي.

وعبر التفاعل الإيجابي مع قضايا البيـئة التي يتزايد تأثيرها ليشمل كل مناحي الحياة والنشاط البشري، ومن خلال حرصه على تحقيق الحياد الكربوني ومشاركته في تحقيق مستهدفات مبادرة "السعودية الخضراء" وتطبيق مبادئ التمويل الأخضر المتوافق مع ممارسات الحوكمة البيـئـية والاجتماعية والمؤسسية، واصَل مصرف الراجحي وبشكلٍ استباقي، تبني مصادر الطاقة المتجددة الخالية من الكربون، من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية والوقود الحيوي ومصادر الطاقة البديلة وتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، مع التركيز على إدارة الطاقة والكهرباء من خلال تقنيات وتصاميم صديقة للبيـئة واستخدام المواد المعاد تدويرها، إلى جانب تبني عمليات تشغيلية لاورقية مدعومةً بالتحول من العمليات التقليدية إلى العمليات الرقمية؛ حيث ساهمت تلك الإجراءات في توفير الطاقة وخفض البصمة الكربونية لمصرف الراجحي.

ولأنه الاستثمار الذي يفوقُ كُل استثمار، نحرص في مصرف الراجحي على أن تكون برامج إعداد وتأهيل كوادرنا الوطنية من أبناء وبنات الوطن وِفق أفضل المستويات والمعايير العالمية، حيث يتم من خلال أكاديمية مصرف الراجحي تطوير خريجي الجامعات وصقل مهاراتهم بكل جديد في عالم الخدمات المصرفية المتكاملة بعددٍ يفوق 740 موظفاً و يتجاوز المائة خريج سنوياً في المتوسط، بما يؤهلهم لسوق العمل وبما يساعد الخريج على تولي موقع قيادي خلال عامين من استكمال البرنامج التدريبي. وبذلك يتوفر للمصرف الكوادر القيادية من الجنسين للوفاء بمتطلبات الحاضر والمستقبل.

وبرصيدٍ وافرٍ من الخبرات المتراكمة على مدى يقارب السبعين عاماً، وبسجلٍ حافل من الإنجازات والنجاحات في خدمة الاقتصاد الوطني والعملاء بمختلف شرائحهم وتطلعاتهم، وبمشاركته الفاعلة في جهود تطوير القطاع المالي تحت مظلة البنك المركزي السعودي، سيواصل مصرف الراجحي -بعون الله- مسيرته التطويرية وفق استراتيجية "المصرفية المتكاملة"، مع حرصه على الالتزام بالتعليمات التنظيمية والوفاء بالمتطلبات البيـئـية ومواجهة تداعيات التغيرات المناخية، مُبادراً بتقديم الخدمات المبتكرة ومواكباً للتطور السريع في مجالات التقنية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، مدفوعاً في جميع الأحوال بروح التفاؤل والثقة التي تغمر الجميع بما تُحققه مملكتنا الحبيبة من تقدمٍ وازدهارٍ في جميع المجالات.

وفي الختام، نتشرف جميعاً في مصرف الراجحي بأن نرفع أسمىٰ آيات الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين وسموّ وليّ عهده الأمين -أيّدهم الله- لقيادتهم الحكيمة لمسيرة التقدم والازدهار لوطننا المعطاء، كما نتقدم بوافر الشكر والتقدير للبنك المركزي السعودي وهيـئة السوق المالية، وكافة الجهات الحكومية، مع وافر الشكر والتقدير لمساهمينا وعملائنا وشركائنا الأفاضل، والشكر موصولٌ لأصحاب الفضيلة رئـيس وأعضاء الهيـئة الشرعية، كما أشكر زملائـي الكرام أعضاء مجلس الإدارة، مُعبراً عن فائق التقدير لكوادرنا البشرية المُتميّزة، التي تُواصل رحلة الإنجاز لمصرف الراجحي في عالم الخدمات المصرفية الإسلامية، مُتأهبين للانطلاق معاً وكفريقٍ واحد، نحو آفاقٍ جديدةٍ ومستقبلٍ أكثرَ إشراقاً.

والله وليّ التوفيق

عبدالله بن سليمان الراجحي
رئـيس مجلس الإدارة